اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
147918 مشاهدة
الأحق بالإمامة

وقال: يؤم القوم: أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما أو سنا، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه رواه مسلم .



قوله: وقال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء... .
اختلف أيهما أفضل: القارئ أم الفقيه؟ والغالب في عهد الصحابة أن من قرأ فإنه يفقه، لكن قد يوجد في هذه الأزمنة من يحفظ كثيرا من الآيات ومن السور، ولكن لا يعرف أحكام الصلاة، فإذا كان لا يعرف أحكام الصلاة فربما يزيد فيها وربما ينقص فتختل صلاته، فالفقيه أولى منه، وإن كان يؤمر المسلم بأن يتفقه في صلاته.
(فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة) أي: أعلمهم بالأحكام، والسنة المراد بها السنة النبوية، ولكن الأمر أعم، أي: أكثرهم علما.
(فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة) ؛ لأنهم كانوا يهاجرون متتابعين بعضهم قبل بعض، والعادة أن الذي يتقدم هجرة يكون أكثر عبادة، أو يكون أكثر علما؛ لأنه مكث مدة طويلة يتعلم فيها العلم.
(فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا) أي: فأكبرهم؛ لأن الكبير له حق الاحترام.
قوله: (ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه):
السلطان هو صاحب الولاية، وإذا كانت الولاية له فهو الذي يتقدم، فصاحب المسجد أي إمام المسجد الراتب مثلا لا يتقدم عليه أحد ولو كان أفضل منه، وكذلك أيضا صاحب البيت، وصاحب الولاية يكون أولى بالإمامة إلا إذا أذن لغيره.
وقوله: (تكرمته)، أي: فراشه الذي يفرشه لنفسه، فلا تجلس عليه إلا بإذنه.